الطفل في مرحلة البلوغ
إن مرحلة البلوغ عند الأطفال لها تبعات متعددة يتعرض لها الطفل ووالديه في نفس الوقت. فالطفل يمر في تلك المرحلة بتغيرات كثيرة جسدياً ونفسياً تؤثر على كثير من سلوكياته وتصرفاته مع جميع من حوله، فمنها ما هو إيجابي ومنها ما هو سالبي.
يتأثر
كثيراً الوالدين نتيجة ذلك خاصةً إذا كان الطفل له بعض الميول العصبية. وفي بعض
الأحوال، يمكن أن يكون لدى الناس أفكار مختلفة حول ما هو مسموح وما هو غير مسموح
به في العلاقة بين الطفل ووالديه في مرحلة البلوغ، ومن هنا تتسم تلك الفترة
بالصعوبة البالغة.
الطفل في سن البلوغ
مع
قدوم تلك الفترة يبدأ الطفل يشكل أرائه الخاصة، مع اتخاذ قرارات أحياناً لا يتفق
معها والديه أو من يقوم برعايته. يعد هذا نموذجاً متكرر لتغير العلاقة بين الطفل
ووالديه في كثير من الأسر ليس فقط في منطقتنا بل في العالم كله.
وبمرو
الوقت يبدأ الطرفين في التكيف وإعادة العلاقة الصحية باعتبارها علاقة بين شخصين
بالغين. ويعتبر ذلك مؤشر إلى حداً ما لوضعها في مكانها الصحيح.
إن
بعض أولياء الأمور يعتقدون أن تمسك الطفل برأيه في هذا السن نوع من الخروج عن
المألوف سواء سلوك لفظي أو نشاط متهور أو نوع من عدم الاحترام. جانب أخر من أولياء
الأمور يعتقدون أن ليس هذا ولا ذاك، بل تصرفات أخرى مثل السرقة أو العنف مع
الأخرين.
من
هنا لابد لنا أن نحدد ما هو مسموح به في العلاقة بيننا وبين الابن في سن البلوغ،
حتى نستطيع فهم المشكلات التي قد تنشأ مع الطفل في هذا السن الحرج. وكيفية التعامل
معها للخروج بأفضل التوافقات.
سلوكيات يتطلع إليها الطفل في سن البلوغ
هناك
سلوكيات عديدة نسلط عليها الضوء تترا في العلاقة بين الطفل ووالديه أو مقدمي
الرعاية في سن البلوغ ولا تعتبر خروجاً ويسعى إليها الطفل كثيراً وهي:
- طلب الخصوصية.
- التعبير عن أراء قد تبدو مختلفة لوالديه أو مقدمي الرعاية.
- اختيار حياة مختلفة أو الترتيب لمستقبل مختلف عما يرغب به والديه.
- توفير وقت يرغبه هو في مناقشة بعض الأمور، ولا يتلائم مع بعض أولياء الأمور العاملين.
- الميل إلى العزلة أحياناً وحب الاستقلالية.
- تدخل بعض الأطراف مثل الجد والجدة في تحديد شكل العلاقة بين الطفل ووالديه.
لابد
أن يدرك مقدمي الرعاية للطفل في مقتبل سن البلوغ أن الأمور تكون بالغة الصعوبة
إذا كان الطفل البالغ يعيش مع أحد الوالدين دون الأخر، وذلك لظروف اجتماعية خاصة.
سلوكيات يرفضها مقدمي الرعاية من الطفل في سن البلوغ
وهناك
بعض السلوكيات الشاذة لا يرضى عنها أولياء الأمور هي:
- الاهانات والإيحاءات اللفظية.
- سرقة الأموال والممتلكات من داخل الأسرة أو خارجها، للفت النظر إليه أو وجهة نظر أخرى.
- إضاعة الوقت والطاقة في امور ليست محببة عن عمد.
- الاعتداء الجسدي والعنف ضد أخوته أو مع أخرين.
- إساءة استخدام ممتلكات الأسرة أو إتلافها عمداً.
مسببات فقد العلاقة بين مقدمي الرعاية والطفل في سن البلوغ
تظهر
الدراسات والأبحاث أنه عندما يكون هناك مشاحنات بين البالغين وأولياء أمورهم، يكون
غالباً هناك أيضاً خلاف في الأسباب التي تسبقها. وبذلك هناك أشياء كثيرة يمكن أن
تسبب فقدان التقارب والاحترام بين الأطفال البالغين وأولياء أمورهم أو مقدمي
الرعاية لهم مثل:
- قلة التعاطف: تظهر في العلاقة بين الطفل وأولياء الأمور كثيراً في حالات بعد الوالدين للعمل بعيد عن مسكن إقامة الأسرة، مثل سفر الوالدين للعمل بالخارج.
- النقد المبالغ: يحدث عندما يقوم الطفل البالغ ببعض الأمور بشكل مختلف عما يفعله والديه، مما يعرضه للنقد والتهكم.
- الرفض: رفض بعض القرارات التي يقدمها الطفل البالغ من قبل أولياء الأمور أو العكس تسبب كثيرا من الخلافات بينهم.
- السيطرة: أحياناً يعتقد الطفل البالغ أن فرض أمور عليه من قبل والديه أو مقدمي الرعاية له نوع من السيطرة والتحكم، مما يعكر صفو العلاقة بينهم باستمرار.
- التوتر والقلق: في كثير من الحالات ينعكس قلق وتوتر الوالدين نتيجة ضغوط العمل أو الحياة الاجتماعية على تصرفات وسلوك الطفل البالغ.
- العيش في مرحلة الطفولة: هناك كثير من الحالات يعيش فيها الطفل البالغ استمرار حياة الطفولة، كذلك الوالدين الذين يستمرون في معاملة طفلهم البالغ كطفل صغير. كلا الحالتين لهما مردود سلبي في العلاقة.
للمزيد عن العلاقة بين الطفل في مرحلة البلوغ ومقدمي الراعية له "اضغط هنا".
استراتيجيات تحسين العلاقة بين الطفل البالغ ومقدمي الرعاية
إن
تحسين العلاقة مع طفلك البالغ يتطلب منك جهداً كبيراً، لكن هناك عديد من الطرق
والاستراتيجيات يمكنك اتباعها لتحقيق ذلك منها:
التواصل الواضح والمستمر
إن اختيار الطفل البالغ
لسلوك معين قد يحتاج منا التدخل لمناقشة وجهة نظره في ذلك بعيد عن الاتهام
والمبالغة. وهنا يمكن اتباع الآتي لنجاح العلاقة واستثمار المناقشة:
- نحتاج بعض الوقت للجلوس سوياً.
- لدي إحساس أنك اليوم غير جيد المزاج.
- أريد أن أسمع وجهة نظرك في هذا العمل.
- اشرح لي ماذا تريد من ذلك.
- الاستماع إلى الطفل دون مقاطعته.
- إظهار مشاعر الود والامتنان.
أحياناً يحاول الطفل شرح أسباب سلوكه، لكن لدى الوالدين احساس بصعوبة السماع إليه.
هنا
إليك بعض ما يجب القيام به، حاول أن:
- تحافظ على عقل منفتح.
- التحقق من صحة مشاعرهم أثناء هذا العمل. مثل قول: "أستطيع فهم سبب شعورك".
- تجنب تقديم سيل النصائح على الفور أو محاولة "إصلاح الأمور" وقت الحدث.
- إظهار الحب والاهتمام بهم، حتى وقت الأزمة.
- استخدام عبارات واضحة ومباشرة دون تلميحات يكون عواقبها غير حسنة.
ادعاء الطفل أن سلوكه هو نتيجة لشيء ما كرد فعل تجاه الوالدين أو مقدمي الرعاية
من
الضروري هنا مواجهة ذلك، حتى يكون هناك وقفة لعدم تكرار هذا الفعل. ففي بعض
الاحيان، يسير النقاش في اتجاهين مختلفين، حيث يتصرف الطفل البالغ ووالديه بطريقة
غير محببة، مما ينتج عنها أمور غير حسنة. من هنا ننصح بالآتي:
يحتاج
أولياء الأمور قضاء بعض الوقت بعيد عن المشكلة ومسبباتها، مع طلب المساعدة في بعض
الأحيان من أحد كبير في الأسرة مثل الاجداد، أو من خارج الأسرة مثل المدرسة أو
مقدمي الرعاية الاجتماعية.
على
الطفل أن يقدم الاعتذار: لكي تلتئم العلاقة بين الطفل ومقدمي الرعاية له. وعلى
الوالدين تقبلها. ولابد أن تكون المشاعر أثناء ذلك صادقة بين الطرفين.
قد
يستغرق الأمر بعض الوقت خاصة حين يشعر أحد الطرفين انه لم يرتكب خطأ.
حدود العلاقة بين الطفل ومقدمي الرعاية
من
المهم وضع حدود واضحة في العلاقة بين
الوالدين أو مقدمي الرعاية وبين الطفل البالغ.
والحدود هي مبادئ توجيه للسلوك، وليست قواعد يفرضها طرف على الأخر. تلك
الحدود لها زوايا متعددة منها:
- اتصل بي قبل قدومك، خلاف ذلك، لا استطيع ضمان الاستماع إليك.
- إذا أخذت شئ دون اذن مني، لن استمر في الحديث معك.
- أنا متفهم أنك غاضب مني، لكن إذا لم تسمعني دون تهكم سوف أنسحب.
القطيعة
يمكن
أن تكون القطيعة بين الطفل البالغ ووالديه أو مقدمي الرعاية له مؤلمة للغاية.
فجميع الأسر تستثمر في أبنائها، ومن ثم تكون القطيعة شيء مدمر لكلا الطرفين. والغضب
أو محاولة معاقبة الطفل تؤدي إلى تفاقم القطيعة.
احياناً
تكون القطيعة من قبل الطفل البالغ. إن احترام هذا الأمر تجاه الطفل قد يساعد في
شفاء العلاقة وعودة الأمور إلى وضعها الصحيح. فلا يمكن للوالدين تغيير عواطف أو
مشاعر الطفل. بل يمكنهم التوجيه بتغيير السلوك، ومن المفيد مراجعة أنفسهم في أسباب
القطيعة.
أثبتت
الدراسات أن مقدمي الرعاية الذين يلومون الطفل أو ينسبون القطيعة إلى امور خارجية
بدلاً من مصادرها الداخلية قد يفوتون فرصة اصلاح العلاقة ودرء الخطر.
إعادة التواصل
قد
يكون من المفيد إعادة التواصل بين الطفل البالغ ووالديه أو مقدمي الرعاية له، ذلك
لعلاج مسببات القطيعة وعودة العلاقة الطبيعية بينهم. فيمكن لمقدمي الرعاية للطفل
البالغ العمل على ما يلي:
- إظهار للطفل أنهم يكنون له الحب والاحترام.
- عرض الحديث مرة أخرى لتقليل الاختلاف في وجهات النظر.
- تحملهم المسئولية عما حدث مسبقاً.
- التأكيد على احترام قرارهم إذا لم يستجيبوا لهذا العرض من قبلهم.
- أن يقدم الوالدين أو مقدمي الرعاية الود والدفيء إذا تقدم الطفل البالغ بعرض التواصل.
العلاج النفسي
يمكن
أن يكون الاختلاف مع الطفل البالغ مؤلماً أيضاً للغاية. لكن يمكن التدخل بالعلاج
النفسي للطفل البالغ للمساعدة على تعلم استراتيجيات المواجهة والتعامل مع منغصات
ألم القطيعة. كذلك هناك بعض الوسائل التي تساعد أولياء الأمور في التعامل مع
الأطفال البالغين منها:
- فهم الأسباب التي أدت إلى تصرفات الطفل، ذلك محاولة لصحيح مسار العلاقة.
- طلب الدعم من مجموعات الدعم عبر الانترنت.
- القراءة عن العلاقات بين الأطفال البالغين ومقدمي الرعاية.
- مراجعة الاصدقاء في مناقشة وفهم العلاقات بين الطفل البالغ وأولياء الأمور.
- عند الحاجة إلى الأخصائي النفسي لابد من عدم التردد في مقابلته.
الخاتمة
مرحلة
البلوغ عند الأطفال من أصعب الفترات التي تمر في حياة الطفل ولها تبعات متعددة
يتعرض لها الطفل ووالديه في نفس الوقت. تحدث فيها تغيرات كثيرة جسدياً ونفسياً
تؤثر على كثير من سلوكياته وتصرفاته مع جميع من حوله. لذلك لابد من الحرص الشديد
في العلاقة بين الطفل ووالدية أو مقدمي الرعاية له.
المصادر
الانترنت.