الممارسات السلبية التي يتعرض لها التلميذ
إن المجتمع السليم يتكون من أفراد أقوياء وأبنائنا الطلبة هم وقود الوطن، وحماته، وهم الكوادر التي سوف يتم الاعتماد عليها لبناء مستقبل أفضل، لكن كيف لهم أن يقوموا بذلك إن كانت هناك العديد من المشكلات التي تواجههم في فترات الدراسة دون أن نسلط عليها الضوء ونسعى لحلها.
إن شريحة كبيرة من أبناءنا الطلبة يتعرضون إلى عدد من المشكلات أثناء الدراسة، الأمر الذي يؤثر على حالتهم النفسية، ويترتب عليه عدم القدرة على التحصيل الدراسي بشكل جيد، وبطبيعة الحال تتأثر الأسر وبالتالي يتأثر المجتمع بأكمله بتلك الظواهر، إذن ما هي تلك المشكلات؟ وما هي الطرق الفعالة لكبحها؟
لذا نقدم لكم بعض من الممارسات المرفوضة "التنمر - التحرش - العنف المدرسيّ" التي تتم بين الطلبة في مختلف المراحل الدراسية، وأسباب كل منها وطرق العلاج
الصحيحة، كي نرى الأمر من كافة الجوانب، ونتمكن من الوصول إلى حل سليم لتلك
الأمور التي تعيق تقدم الطالب، وبالتالي تقف حائلًا أمام تقدم المجتمع ورقيه.
المشكلات التي يتعرض لها الطالب وتؤثر على المجتمع
إن أردنا التعرف على المشكلات أو
الممارسات التي يتعرض لها الطالب ويكون لها الأثر السلبي على حالته النفسية،
وبالتالي تتأثر دراسته بالأمر ويزيد الأمر سوءً بإهمال المشكلة برمتها فينتج عن
ذلك صعود جيل غير متزن يعمل على تدمير المجتمع وليس تقدمه، فنجد أنها تتشكل على
النحو التالي:
·
التنمر.
·
التحرش.
· العنف المدرسيّ.
لذا دعونا نتعرف على كل من تلك الممارسات بشيء من التفصيل،
ونتناول الأسباب والطرق الصحيحة للمعالجة عبر ما يلي من سطور.
التنمر أسبابه وكيفية التخلص منه
التنمر هو واحد من أهم الأمور العدوانية التي تتم ضد التلاميذ
في مختلف المراحل الدراسية، فهو إساءة بكل ما تحمل الكلمة من معنى تجاه طالب بشكل
متعمد، سواء أكانت تلك الإساءة نفسية أو بدنية، ومن الممكن أن يكون التنمر من خلال
القول أو إبعاد الشخص من حضور نشاط أو مناسبة معينة، أو نبذه من أي من الأمور.
حيث يتظاهر المتنمر بأنه شخص قوي محب للتقليل من شأن
الآخرين، إلا أن ذلك يكون نابعًا من شعورهم بالغيرة ممن يتنمرون عليه، وجدير
بالذكر أن نعلم أن التنمر له نوعين، الأول هو التنمر المباشر، بحيث يجد الشخص
المتعرض للتنمر أنه يُعامل بطريقة غير لائقة بشكل واضح وصريح.
أما النوع الثاني فهو التنمر غير المباشر، والذي من الممكن أن
يتشكل على هيئة عزل من مجموعة، إما عن طريق استبعاد الشخص المقصود بالتنمر، أو حث
المجموعة التي يتواجد فيها على ذلك، وإن لم يستجيبوا لذلك، فإنه ينالهم كما نال
الشخص المتنمر عليه من إساءة.
والتنمر ممكن أن يكون من أجل عرق المتنمر عليه أو ديانته أو إعاقة يعاني منها، أو أسلوب حياته وطريقة لبسه، وعلى أية حال التنمر
من الأمور التي تهدم الثقة بالنفس لدى الطالب وتجعله على مشارف الانهيار إن لم يتم
تدارك الأمر على وجه السرعة وهناك الحالات الكثيرة على مستوى العالم التي يؤدي بها التنمر إلى حافة الانتحار.
أسباب التنمر: أهم أسباب التنمر نتجت عن انخراط طبقات مختلفة سويًا نتيجة الهجرة من مجتمعات مختلفة ، ومن ثم يظهر التنمر بعنف في أثناء المناسبات والمسابقات التي يحضرها الكثير من هؤلاء الأفراد مثل مباريات كرة القدم. ولعبت وسائل الإعلام دور كبير في ظهور تلك المشكلة.
أحياناً نجد حالات تنمر من أشخاص ممن يعانون بعض المشكلات النفسية التي تحتاج إلى علاج، أو من متنمر لم يحصل على القدر الكافي من
التهذيب من قبل الأهل، فلم تسنح له الفرصة في التعرف على أبعاد التنمر دينيًا
وأخلاقيًا.
علاج ظاهرة التنمر: من طرق علاج التنمر، نوضح التالي:
· العلاج الأسري: على الأسرة محاولة تقويم المتنمر وحثه على التوقف عن ذلك ونوضح له خطورة الأمر من الناحية الدينية، وتشجيعه بشكل إيجابي على إظهار الود بينه وبين زملائه عوضًا عن التنمر وأن تلك الظاهرة تبعث الكثير من المشكلات.
ويجب على أولياء الأمور ألا يتوقفوا عن دعم الابن الذي يتعرض للتنمر، وأن تحرص على أخذ حقه بالطريقة الصحيحة واللاعنف ، حتى لا يعطي الفرصة لأي من الأشخاص النيل من
ثقته في نفسه.
· العلاج المدرسي: من المتعارف أن الطالب يقضي حوالي نصف يومه داخل المدرسة، لذا فإن للمدرسة دور فاعل في التصدي لتلك الظاهرة وعليها أن تنشر الوعي الثقافي بين الطلبة بأهمية التوقف عن التنمر، وأن ترسخ فيهم مبدأ المساواة.
يجب أن نعلم أنه لا فضل لأحد على أحد، فكلنا بشر أبناء آدم وحواء.
التحرش أنواعه وأسبابه وطرق القضاء عليه
التحرش من الممارسات المرفوضة والتي يتعرض لها الطالب وقد لا يدرك
ماهيتها، ولا خطورتها، وللتحرش أنواع متعددة، منها :
·
إشاعة أن هناك سلوكيات شاذة يقوم بها الضحية.
·
الرسم على جدران المدرسة.
·
الإشارة أو الإيماء.
·
التعليق على أي من أجزاء جسم التلميذ أو لمسها.
أسباب التحرش : للتحرش أسباب كثيرة ومتعددة، منها مشاهدة الأفلام التي لا تخضع للرقابة، عدم وجود وعي ديني وثقافي بين الطلبة، غياب متابعة الأهل للتلاميذ، خاصة مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، عدم الرقابة الجيدة في دور الرعاية الاجتماعية بين الأطفال.
مواجهة ظاهرة التحرش: إن كبح تلك المشكلة التي من شأنها أن تترك الأثر النفسي السيء للغاية لدى الطفل، يتطلب من كلاً من أهل التلميذ والمدرسة التعامل مع تلك المشكلة بشيء من الحزم، وذلك من خلال اتباع الآتي:
·
يجب أن يدرك الطالب أن ما يتعرض له من تلك الأفعال يسمى تحرشًا،
وعليه أن يعرف كيف يفرق بينها، ويجب تنمية وعيه الثقافي عن تلك الظاهرة كي لا يقع
ضحية التحرش ويكون أمرًا قاسيًا عليه لا يمكن معالجته بسهولة.
·
يجب ردع المتحرش وتخويفه من الأفعال التي يقوم
بها، سواء أكان طالبًا أم معلمًا أو أحد الأشخاص، كما يجب وضع عقوبات رادعة على المتحرشين تبعًا لما قام به والمرحلة العمرية التي يعيشها.
· يجب أن الا يقع اللوم على من تعرض للتحرش، لأن ذلك
يجعله غير راغبًا في التحدث عن أي من المضايقات التي تعرض لها فيما بعد، وبالتالي
تزداد المشكلة سوءً.
·
يجب زرع الثقة في الطالب، بحيث يكون الأهل هم الأقرب إليه بعيداً عن الأشخاص من حوله.
· للمدرسة دور فاعل، حيث يجب أن تضع القوانين الرادعة
التي تحمي حقوق الطالب، على أن تكون تلك القواعد ظاهرة وواضحة ومحددة.
· يجب زرع في نفس الطالب عدم الخوف من سرد أي من المضايقات
التي يتعرض لها للأخصائي النفسي بالمدرسة من أجل حل المشكلة في بدايتها.
· لا ننسى أن الوعي الثقافي له عامل كبير، فيجب أن تشمل المناهج الدراسية كافة الأمور، ومسلطة الضوء على تلك الأفعال المشينة، ليعي المتحرش جرم ما يقوم به، ويعي الطالب من ناحية أخرى أنه في حالة تعرضه
لذلك الأمر، ألا يتنازل عن حقه، وألا يسمح بتكراره مع غيره أو
تعرضه إليه مرة أخرى.
العنف - أسبابه وطرق كبحه
إن العنف الذي يتعرض له الطالب، ممكن أن
يكون داخل الحرم المدرسي، أو خارجه، وهو أن يكون لفظيًا أو جسديًا،
وكلا الأمرين لهما تأثير على الطالب نفسياً وصحياً ومجتمعياً.
لذا لابد لنا أن نتعرف على أسباب العنف المدرسيّ، وهو كالتالي:
·
وجود اضطراب نفسي أحد من الطلاب، يجعله شخصًا عدوانيًا
لا يمكنه التعامل مع باقي الزملاء من الطلبة بشكل سلمي.
·
الميل للتعرف على الأعمال العدوانية التي يقوم بها الآخرين، من مشاهدة أفلام العنف، المشاجرات في الشارع، الاستماع
إلى الأغاني الهابطة على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، تقليد بعض الأشخاص التي تدعو إلى أخذ الحق
بالذراع، كذلك تعرض الطالب ذاته إلى العنف من قبل أهله كالزجر في بعض المواقف .
إن العنف من الأمور التي تلحق الضرر بالطالب جسديًا وصحيًا، لذا ينبغي على أولياء الأمور بذل أقصى ما لديهم من جهد من أجل كبح ذلك، حيث يقدمون الدعم لأبنائهم، ويشجعونهم على أن يكونوا من ذوي الأخلاق والقلب الطيب الذي لا يحمل الضغينة والتي تتحول إلى عنف في المطلق مع أي من الأشخاص.
كذلك يجب التنبه إلى تصرفات الطفل منذ الصغر
ومحاولة تقويم أي من الانحرافات التي قد تظهر عليه في تلك الفترة، وذلك من خلال
التحدث معه بصورة إيجابية، حيث إن التعنيف من قبل الأهل يعمل على تعقيد الأمر
وتزايده.
![]() |
لا للعنف. |
آثار العنف المدرسي
هناك آثار للعنف المدرسي نذكر منها:
· آثار صحيّة للعنف المدرسي.
كثير من الأضرار الصحيّة يُسبّبها العنف المدرسيّ منها الأضرار المرئيّة التي قد تكون خفيفةً وقد تكون جسيمةً ومؤثّرة، مثل الكدمات والكسور الناجمة عن الضرب أو استخدام الأسلحة، أمّا الأضرار غير المرئيّة فتحدث على مستوى الصحّة العامة للطالب، مثل الاكتئاب، والقلق، والخوف، والاضطرابات النفسيّة.
· آثار أسرية للعنف المدرسي.
يؤدّي العنف المدرسيّ إلى عديد من الأضرار قد تحدث على مستوى أسرة الطالب المسبب للعنِّف، فالأسرة مسؤولةً عن إصلاح الخطأ الذي قام به الطالب سواء بدفع الأموال أو الذهاب إلى المحاكم أو غير ذلك، وستحتاج إلى بذل مجهود ووقت كبيرين لأجل محاولة تعديل سلوك ابنهم الذي تصدر منه سلوكيات عنيفة.
ومن الأضرار التي قد تحدث للأسرة أيضاً التعرّض للانتقاد من
المجتمع المحيط والأصدقاء، كما أنّ النقاش الحادّ بين الأسرة والابن المعنِّف قد
يؤدّي إلى إحداث مشكلات ونزاعات داخل الأسرة مما يُهدّد استقرارها.
·
آثار اجتماعية للعنف المدرسي.
إن الأضرار الاجتماعية التي قد تحدث بسبب العنف المدرسيّ كثيرة ولها تداعيات سلبية تؤدي إلى عدم قدرة الطالب على تكوين علاقات اجتماعيّة أو عاطفيّة مع الآخرين بشكلٍ طبيعي، وانخفاض قدرته على التمتّع بالمشاعر الإيجابيّة، والنفور من التقارب الجسديّ والعاطفيّ خاصة بين الزملاء.
كما يُبدي الطلاب المعنَّفون في المدرسة ردود أفعال عنيفة عند تهدئتهم
أو الإمساك بهم أو احتضانهم، ويكون من الصعب التنبّؤ بتصرّفاتهم، بالإضافة إلى أنّ
أيّة محاولة لتغيير سلوكهم اليومي تؤدّي إلى ظهور سلوكيات رافِضة قد تكون عنيفةً
بسبب رغبتهم في التحكّم ببيئتهم واتخاذ قراراتهم بأنفسهم.
· آثار أكاديمية للعنف المدرسي.
كثير من الأضرار الأكاديمية للعنف المدرسيّ، لا يقتصر أثرها على الطلاب المتعرّضين للعنف بل يمتدّ ليشمل الطلاب الذين يشاهدون العنف والذين عاشوا أحداثه، ومن الأضرار تلك تغيّب الطالب عن المدرسة، أو تسرّبه، وتخوّفه من الذهاب إليها، وفقد التركيز أثناء التواجد في الصفّ وخلال أنشطة مرتبطة بالمدرسة.
وأثبتت الدراسات وجود علاقة واضحة بين العنف المدرسيّ وضعف التحصيل الدراسيّ في المواد الأساسية كالرياضيات، كما أشارت التحليلات إلى أنّ العنف المدرسيّ الذي يتعرّض له الطلبة على يد معلّميهم أو أقرانهم يُقلّل احتماليّة متابعة هؤلاء الطلبة للتعليم العالي.
كما أنّ الطلاب المعنَّفين غالباً ما تصدر عنهم سلوكيات رافضة لأيّ تغيير ممّا يمنعهم من التطوّر الأكاديمي واكتساب المهارات. ويُشار إلى أنّ العنف المدرسيّ قد يدفع الطالب إلى سلوكيات مضرّة بصحّته، مثل: تعاطي المخدّرات، أو إدمان الكحول، أو الميل للانتحار.
كيفية الحدّ من العنف المدرسي
إن الحدّ من العنف المدرسيّ يحتاج تضافر الجهود الأسرية والمدرسية والتعاون المجتمعي؛ ومن سمى يتمّ حماية الطلاب من كافّة الأضرار التي يسبّبها العنف المدرسيّ، ويجب على الأسرة تقديم الرعاية والدعم والتعليم للطالب، ومراقبة الأهل له منذ طفولته ومراقبة سلوكياته والتدخل عند الحاجة بشكل يُقلّل احتماليّة انحرافه.
كما يجب مناقشة أبنائِهم عن سلوكياتهم بطريقة المصاحبة لمساعدتهم على التمييز بين السلوك الخاطئ والسلوك الجيّد. وعلى إدارة المدرسة وضع القواعد الصارمة للحدّ من ظاهرة العنف المدرسيّ، وخلق جوّ من الراحة والتعاون بين الطلبة أنفسهم وبين الطلبة والمعلّمين.
ونظراً
إلى أنّ المعلّمين يلتقون بالطلاب لساعات طويلة فإنّ عليهم تطوير علاقتهم معهم
والتحدّث معهم حول سلوكياتهم ومشاعرهم واحتياجاتهم.
دور المدرسة في الحدّ من العنف
ويجب على إدارة المدرسة للحدّ من العنف المدرسيّ؛ توظيف حرّاس في الحرم المدرسي، واستعمال أجهزة الكشف عن ما هو مخالف للقواعد والقوانين المدرسية من المعادن "أسلحة" يُمكن أن تتواجد داخل المدرسة، وتقديم برامج توعويّة لمكافحة العنف المدرسيّ، كذلك تقديم الدعم والرعاية للطلبة وتشجيعهم على التحدّث عمّا يدور في أذهانهم.
الخاتمة
إن الممارسات السلبية مثل التنمر والتحرش والعنف المدرسي التي يتعرض لها التلميذ لها أثر جم على الحالة النفسية والصحية للتلميذ وينعكس أثرها على الأسرة والمجتمع . ودائمًا البداية من المنزل، فعلى الوالدين ترسيخ في نفوس أبناءهم خير المبادئ، وأن نضع أمامهم فهم الأشياء الصحيحة وكيفية تنميتها، والابتعاد عن الممارسات الخاطئة.
المراجع
الإنترنت.