الطفل المتعجل "المتسرع"
ما هي متلازمة الطفل المتعجل ولماذا أصبحت رائجة؟
نحن اليوم نعيش في عصر سريع الخطى.
مليئ بالتنافس على مستوى المادي والمعنوي. ومن هنا يتعجل الكل خاصةً الوالدين خشية
التخلف عن الركب ويخشون أن يتخلف أطفالهم عن مواكبة هذا الركب. ويصاحب ذلك، فرضهم
ضغوطًا غير ضرورية على أطفالهم سعياً للتفوق في الدراسة والأنشطة اللامنهجية ومزيد
من الأنشطة الأخرى. هذا الاندفاع في زيادة قدرة أطفالهم على تعلم أو إجتياز كل شيء
في زمن مبكر عن الطبيعي، يجعل الصغار يظهرون الكبر مبكراً، سواء كان ذلك اجتماعيًا
أو عاطفيًا أو أكاديميًا.
إن هذه مشكلة منتشرة الآن وتلاحق
الكثير من الأسر في شتى بقاع المعمورة. فعلى الرغم من أن رؤية طفلك يتعلم كل شيء في
زمن قياسي يجعل الآباء سعداء، إلا أنه في الواقع ليس ذلك بالأمر الجيد بالنسبة
للأطفال الصغار. إنه يؤدي إلى مرض اضطراب الإجهاد المعروف باسم متلازمة الطفل
المتعجل. فهل تريد معرفة المزيد
عن متلازمة الطفل المتعجل هذه وأعراضها؟ إليك كل ما تحتاج إلى تعلمه لتجنب جعل طفلك يمر بنفس الحالة.
ما هي متلازمة الطفل المتعجل؟
تم صياغة مصطلح "متلازمة الطفل
المتعجل" لأول مرة من قبل
عالم النفس الأمريكي والمؤلف ديفيد إلكيند، في ثمانينيات القرن العشرين. ففي كتابه "الطفل المتعجل: النمو بسرعة كبيرة، في وقت مبكر جدًا"، يصف المصطلح بأنه
"مجموعة من السلوكيات المرتبطة بالتوتر، والتي تنتج عندما يتوقع والدي الطفل أن يؤدي طفلهم أداءً يتجاوز مستوى
قدراته العقلية أو الاجتماعية أو العاطفية.
في هذه الحالة، يقوم الآباء بتخطيط حياة
أطفالهم بشكل مفرط،
ويدفعونهم بقوة لتحقيق النجاح خاصةً الأكاديمي، ويتوقعون منهم أن يتصرفوا
ويتفاعلوا كبالغين في سن مبكر". ووفقًا للدكتور ديفيد إلكيند، فإن ثلاثة ديناميكيات رئيسية هي سبب هذه المتلازمة عند الطفل
المتعجل. وهي أن الآباء ودور العلم "المدارس" ووسائل الإعلام تلعب دورًا
مهمًا في ذلك. فمن خلال توقع أو فرض الكثير من الاستحقاقات أو الواجبات في وقت
مبكر جدًا، يجبر الآباء أطفالهم على النمو بسرعة وبصورة متعجلة. وعليه، يعاملونهم
أو يتوقعون منهم أن يتصرفوا كبالغين. ومن هنا، يفشل الآباء في فهم مستوى المعرفة
والفهم والقدرة على الاستيعاب والإدراك لدى صغارهم وفقًا لأعمارهم. وفي الحقيقة، إن
الآباء والأمهات الذين يعانون من متلازمة الطفل المتعجل يفعلون ذلك عادة إما
لتقليل قلقهم الأبوي أو بسبب الشعور بالقصور الكامن لديهم.
وعلى سبيل المثال، إن دفع الآباء
والأمهات أطفالهم لقراءة الكتب، أو ممارسة نشاطاً رياضياً مثل الجمباز أو الباليه،
أو تعلم الرياضيات "الجبر والهندسة"، وما إلى ذلك، بدلاً من السماح لهم باللعب
مع أصدقائهم والاستمتاع بطفولتهم، يمكن أن يؤدي إلى متلازمة الطفل
المتعجل. هذه الظاهرة أكثر
شيوعًا بين الآباء والأمهات المنفصليين أسرياً أو الآباء الذين كلاهما مشغول
بالعمل، الذين يخافون على أولادهم التخلف ويتمنون أن يكون أطفالهم "أطفالًاعباقرة
في كل المجالات".
وعلى نحو مماثل، تتجاهل مؤسسات
التعليم الاحتياجات الحقيقية
للأطفال وتفرض عليهم مناهج دراسية مكتظة، مما قد يساهم في ظهور متلازمة الطفل
المتعجل. فهم لا يولون اهتمامًا
كبيرًا لعمر الصغار، أو قدرتهم على التعلم، أو ما يقدرون عليه. إن إنهاء الفصل
الدراسي بطريقة ما، واجتياز الامتحانات يؤدي في النهاية إلى "العجلة أو التسرع"
لدى الأطفال. حتى وسائل الإعلام تهمل عمر الأطفال وتغذيهم بمعلومات غير مرغوب فيها
أو أكثر من اللازم (بالنسبة لأعمارهم)، مما يؤدي في النهاية إلى متلازمة الطفل
المتعجل.
لماذا أصبحت "متلازمة الطفل المتعجل" رائجة؟
يرجع ذلك إلى السيناريو
التنافسي الشديد في المجال
الأكاديمي والأنشطة الأخرى، حيث يخشى الآباء أن يفوت أطفالهم الفرصة. وهذا يجعلهم
يدفعون أطفالهم أو يستعجلونهم منذ سن مبكرة من أجل الرغبة في مستقبل ناجح.
وعادةً، لا تأتي رغبة الآباء في أن
يكون أداء أطفالهم أفضل. لكن في معظم الأحيان، يريدون ببساطة أن يمنحوا أطفالهم
الأفضل من كل شيء. وبالرغم من ذلك، ينتهي بهم الأمر بتسجيل أطفالهم في مجموعة متعددة
من الفصول الدراسية، وبالتالي إرهاق أطفالهم. وفي بعض الأحيان، يكون لدى الآباء
أحلام غير محققة ويعلقون آمالهم على أطفالهم لتحقيقها. وهذا يضيف المزيد من الضغط
على أطفالهم. وينسى الآباء أن صغارهم مجرد أطفال صغار، ويجب أن يتعلموا ويستكشفوا
بالسرعة التي تناسبهم هم ووفقًا
لاهتماماتهم التي يرغبون فيها.
وبشكل عام، لجعل الأطفال يتفوقون
ويكونوا على قدم المساواة مع الجميع، يستعجل الآباء الأطفال، مما يجعلهم
يفقدون براءتهم وسحرهم في سن مبكرة. وكثيراً يتبين أن هؤلاء الأطفال أكثر نضجًا أو أكبر من سنهم، هذا ليس
بالضرورة أمرًا سيئًا ولكنه غالباً يمكن أن يمتص متعة كونهم صغارًا.
إن هذا النوع من الضغوط طويلة الأمد على
مدار عمر الطفل قد يكون له تأثير مدمر على
الصحة العقلية والصحة البدنية وحتى نمو الدماغ. كما أنه يجعل الطفولة بائسة
للغاية. إن الاكتئاب والقلق والخوف من الفشل وصعوبة التنشئة الاجتماعية والتوتر وما إلى ذلك هي بعض
التأثيرات النفسية التي قد يخلفها متلازمة الطفل المتعجل على الطفل.
لذا، لتجنب كل هذا، لا تستعجل طفلك. فلست
مضطرًا للتنافس مع الجميع. يجب أن تكون صحة طفلك العقلية والجسدية هي أولويتك
القصوى كوالد. ويجب أن يسعى كل والد إلى تحقيق هدفه من خلال السماح لطفله بالتعلم
بالسرعة التي تناسبه، ومنحه الوقت الكافي للعب، وعدم فرض أحلامك عليه، وفهمه حقًا،
والسماح له بتعلم أشياء مناسبة لعمره، والحد من أنشطته اللامنهجية، وضمان حصوله
على نوم جيد، والمرونة في روتينه والسماح له بأن يكون مجرد طفل.
ما هي أعراض وعلامات التحذير من "متلازمة الطفل المتعجل"؟
قد يدفع الآباء أطفالهم دون أن
يدركوا تأثير ذلك عليهم. لذا، إذا لاحظت أيًا من هذه الأعراض والعلامات التحذيرية،
فقد يكون طفلك يعاني من متلازمة الطفل
المتعجل.
·
يعاني الأطفال
المصابون بمتلازمة الطفل المتعجل من مستويات متزايدة من التوتر والقلق
عندما يشعر الطفل بالإرهاق بسبب
التوقعات والمسؤوليات، يشعر بالاستنزاف
العاطفي. وهذا يؤدي إلى إجهاد
غير مرغوب فيه، واكتئاب، وقلق، وإرهاق. كما أن الانفعال طوال الوقت وتجنب المحادثة اللائقة مع الوالدين هو
أيضًا علامة على متلازمة الطفل المتعجل. وفي الحالات القصوى، قد ينتهي الأمر بالأطفال إلى إخفاء الأشياء
والكذب والمشاركة في تعاطي المخدرات.
·
إن غياب وقت
اللعب من جدولهم هو حدث شائع لدى الأطفال الذين يعانون من متلازمة الطفل المتعجل
في حالة أطفال صغار ينضمون باستمرار
إلى الفصول الدراسية لتعلم أنشطة مختلفة، فإنهم بالكاد لديهم وقت للعب بمفردهم أو
حتى مع الأصدقاء. ففي حين قد يعتقد الكثيرون أن فقدان وقت اللعب لن يؤثر على
طفلهم، لا هذ خطأ شائع، فإن وقت اللعب يساعدهم بعدة طرق، منها تعزيز إبداعهم ومدى
انتباههم وتطوير مهاراتهم الحركية الدقيقة والتفكير
المعرفي، إن وقت اللهوواللعب ، يمثل
دورًا حيويًا في التطور العام لطفلك.
·
يعاني الأطفال
المصابون بمتلازمة الطفل المتعجل من ضعف تقدير الذات
نظرًا لأن الأطفال يخضعون للمراقبة
والضغط المستمر من قبل والديهم، فإنهم في النهاية يصابون بفقدان الثقة
وضعف تقدير الذات. ومن يفقد الثقة يجد صعوبة في
اتخاذ القرارات بنفسه.
علاوة على ذلك، وعندما يشعر الأطفال أن والديهم قد لا يلتفتون إلى طلباتهم أو
يشعرون بخيبة الأمل معهم، قد يحد الأطفال
من تفاعلهم مع والديهم،
مما يؤدي إلى عواقب كارثية.
·
يعاني الأطفال
المصابون بمتلازمة الطفل المتعجل من ضعف مدى الانتباه
يعد وقت اللعب وسيلة رائعة لمساعدة الأطفال على تطوير مدى الانتباه والذاكرة. لكن القيام
بالعديد من الأنشطة التي لا تناسب عمرهم تؤدي إلى العديد من المشكلات. فقد يواجهون
صعوبة في فهم الأشياء وقد يصابون أيضًا بضعف مدى
الانتباه. يحدث هذا غالبًا عندما
لا يثير النشاط اهتمامهم أو عندما يكون هناك الكثير من الأشياء التي يجب تعلمها. فهذا
يجعل من الصعب على الطفل التركيز على شيء واحد في كل مرة.
بخلاف ذلك، فإن فقدان النوم،
والارتباك، والقلق المفرط، وآلام البطن المتكررة أو الصداع (خاصة قبل الأنشطة)،
وفرط النشاط هي أيضًا بعض أعراض متلازمة الطفل المتعجل.
إيها الأب، أيتها الأم، إذا لاحظت
أيًا من أعراض متلازمة الطفل المتعجل هذه على طفلك، فقد حان الوقت لتهدئة الأمور. فليس
هناك شئ سوى طفولتهم الثمينة. يمكن للمرء فعلم أن المرء يستمر في تعلم أشياء جديدة
طوال حياته. لكن، بمجرد أن يفوت أطفالك أيام طفولتهم، فلن يتمكنوا من عيشها مرة
أخرى. علاوة على ذلك، فإنك تفوت أيضًا فرصة الترابط مع صغارك. قبل أن تدرك ذلك،
سيغادرون إلى الكلية وستعاني أنت من متلازمة العش الفارغ.
الخاتمة
على الوالدين التحلي بالقوة وأن
العجلة ليست إلا مضيعة، وأبطئ وتوقف لقضاء وقت ممتع مع أطفالك. شاهدهم يقفزون
ويركضون ويكونون سعداء بشكل عام كما ينبغي أن يكون الصغار. لا تتعجلهم حتى يكبروا،
لأنك أيضًا ستفتقد طفولتهم وسذاجتهم.
المصادر
الإنترنت.