واحة سيوة
موقع متميز من أرض مصر في قلب الصحراء وواحدة من أهم واحات مصر
الكثير البحرية والفرافرة والداخلة والخارجة. وتبعد عن العاصمة القاهرة من الجنوب
الغربي 820 كم وتبعد عن الحدود الشرقية الليبية 52 كم.
سكنها الفراعنة وعرفها الرومان والإغريق وزارها الإسكندر الأكبر ولكن ظلت
منسية عند المصريين هي وأهلها حتى نهاية القرن التاسع عشر. خلال 20 عاماً الماضية
وضعت لها الحكومة المصرية برنامجاً حتى أصبحت من المزارات السياحية المهمة.
![]() |
واحة سيوه جنة الصحراء. |
حكي عنها الكثير من القصص والروايات وعاش معها الكثير من مهتم أن يثبت ومن تملكه الخوف والرعب من حكي الأساطير. يقال عنها أن كثير دخلوها وأصابتهم لعنة أمون حتى الإسكندر الأكبر يقال أنه أصيب بها ومات ودفن فيها.
يرغب الكثير بذلك في زيارتها للتعرف عليها فموقعها النائي في صحراء مصر
وعادات أهلها وتقاليدهم المختلفة عن باقي سكان الوادي والدلتا بمصر، وكذلك لغة سكانها البربرية الخاصة جعلها تتواجد
على الخريطة السياحية بمصر.
الموقع
واحة حضرية يبلغ
عدد سكانها 35,000 نسمة معظمهم من أصل بربري تقع على حافة بحر الرمال العظيم، وهي
مساحة شاسعة من الصحراء بالقرب من الحدود الليبية، ولا يمكن الوصول إليها بسهولة إلا بالسيارة أو
الحافلة أو الطيران العارض، والرحلة "من
القاهرة، 90 دقيقة بالطائرة".
الواحة تقع تحت
مستوى سطح البحر 18 م. ويوجد داخلها مجموعة من البحيرات المالحة الزرقاء الفيروزي
والينابيع الطبيعية ومزارع نخيل التمر وأشجار الزيتون. لأميال في كل اتجاه خارج الواحة، وعلى مرمى البصر لا يوجد شيء آخر
سوى الرمال.
المناخ
تتمتع واحة سيوة بجو معتدل خلال شهور الربيع والخريف، مع طقس حارة قاري
صيفاً شديد البرودة شتاءً. ومن ثم اعتاد أهل واحة سيوة إقامة الاحتفالات
والمهرجانات الثقافية والعروض الترفيهية خلال فصلي الربيع والخريف لجذب السائحين
والزوار.
المعالم السياحية
تعرف واحة سيوة عند الفراعنة باسم "شالي"، حيث كان لها شأن كبير،
ويوجد بها معالم أثرية فرعونية ورومانية، منها معبد جوبيتر آمون، ومعبد الخزينة،
ومدافن الجبل للأسرة 26 الفرعونية، ونزل استقبال وتتويج الاسكندر الأكبر.
المزارات السياحية العلاجية
كان لشالي أهمية كبرى عند الفراعنة، ذلك لوجود الرمال البيضاء القادرة على
علاج كثير من الأمراض الروماتيزمية، وآلام المفاصل والعمود الفقري. وأكدت الدراسات
أن تلك الرمال الموجودة بجبل الدكرور تشفي من شلل الأطفال أيضاً والامراض الجلدية،
والصدفية, وأمراض الجهاز الهضمي خاصة مع حمام الرمال في فصل الصيف.
هناك أيضاً عيون المياه الساخنة العادية والكبريتية، والتي لها من الأهمية
بمكان في علاج الام الجسم والأمراض الجلدية، وأمراض الجهاز التنفسي. يساعد كل ذلك
الهواء الجيد النقي طوال أيام السنة.
والآن هيا بنا نعود إلى قصتنا وهي جولة مهدية في واحدة سيوة
عندما بدأت مهدية
السفر إلى مصر لأول مرة، كانت حينئذ في أواخر عامها ال 20، ورغبت في التواصل مع
أصول أجدادها. حيث ولدت المهندسة المعمارية والمصممة، البالغ عمرها الآن 61 عاما،
في طهران لأم مصرية من مدينة الاسكندرية وأب إيراني.
لقد نشأت وترعرعت بشكل عام في عدة مدن بأوروبا
منها كامبريدج، ماساتشوستس، هايدلبرغ, ونيس. كان إحساسها غريب وتشعر بأن هناك شيء
مفقود وتقول: "كنت أشعر وكأنني نبتة في إناء التهم كل أرضه ".
بداية الرحلة
في عام 1999 م، وبعد
عدة رحلات متكررة إلى مدينة الإسكندرية، قررت مهدية القيام بزيارة واحة سيوة تلبية
لدعوة تلقتها من صديقها عالم البيئة ورجل الأعمال منير نعمة الله والمولود بمدينة
القاهرة والبلغ من العمر الآن 76 عاماً. وهناك تحدثت مع بعض الأهالي في المركز
التاريخي المحصن بسيوة حيث ذكروا لها أن تاريخ "شالي" المعروف يعود إلى
القرن الثالث عشر.
حينها قام
سكانها ببناء مساكنهم من الكرشيف، وهو مركب فاتح اللون من الرمال والملح
المتوفر بكثرة في الواحة. وفي القرن الماضي وتحديداً سنة 1926 م، دمرت الأمطار
الغزيرة تلك المساكن جميعها وتشاهد بقائها الآن كأنها مجمعاً من القلاع الرملية
الهائلة.
أعيد بعد ذلك
بناء المدينة من هياكل بسيطة من طابق واحد من الحجر الرملي والأسمنت. وتضم الآن
معظم السكان، بالإضافة إلى المقاهي ونزل الرحالة والمتاجر الصغيرة التي تبيع
السجاد والحرف اليدوية المصنوعة محليا.
مقابلة نعمة الله
وصلت مهدية إلى
موقع اللقاء وهي لا تعرف سوى القليل عن المكان. كان نعمة الله صديق مقرب من عائلة والتها. وكان في خضم القيام بمغامرة استثمارية خاصة به.
كان يبني نزلا بيئيا طموحا مصنوعا بالكامل تقريبا من الكرشيف، يقع بين جبل مسطح
والبحيرة المحيطة به.
ساعدت مهدية
بخبرتها كمهندسة معمارية نعمة الله في إكمال المشروع، الذي أطلق عليه اسم باللغة
البربرية "أدرير أملال"، وتعني بالإنجليزية "الجبل الأبيض".
مع أكثر من 40 غرفة ضيوف تقع داخل سلسلة من المباني ذات الجدران السميكة بلون
وملمس الرق القديم.
يبدو "أدرير
أملال" أنه نهض من الصحراء مثل سراب مصنوع من الرمال. تقول مهدية عنه :
"كان نظرية راديكالية مشروعه، بدون كهرباء، والبناء بالملح والطين، داخل
المناظر الطبيعية القديمة الجميلة، سحرا خالصا". واليوم، بعد أكثر من عقدين
من افتتاحه، يعد النزل موقعا للحج لمحبي الهندسة المعمارية والتصميم المهووس.
عادت مهدية إلى
باريس حيث تقيم الآن، لكن شغف مناظر الواحة في سيوة يجذبها أن تكرر الرحلة إليها
كل حين وباستمرار. وفي منتصف أغسطس الماضي، بدأت هي ونعمة الله العمل في مشروع آخر
يبدو خياليا هناك.
مجمع مباني يشبه
القلعة بمساحة 8000 قدم مربع تقريبا من سبع غرف نوم، مصنوع من الكرشيف والطين، وأرضيات
من الحجر الرملي وسقف مكسو بخشب النخيل.
سيكون مقر إقامة
نعمة الله الخاص. واختار بنائه بالقرب من تشكيل صخري قاحل في وسط بستان نخيل -
بالقرب من "أدرير أملال" ولكنه مخفي جيدا عن الطريق الرئيسي وسط الغابة حتى
لا يهيمن على المناظر الطبيعية.
المجمع أمازيد
سمي المجمع "أمازيد"
على اسم نبع قريب، مثل أدرير أملال ، كل الألوان الترابية، من الداخل والخارج. إنه
نتاج ملهم للمصممة مهدية، التي اشتهرت باستخدامها الفريد للألوان. (كانت منشئة ما
أصبح يعرف فيما بعد باسم الاتجاه الوردي الألفي، وذلك بفضل التصميم الداخلي بلون
العلكة الفقاعية الذي صممته في عام 2014 لمطعم Gallery في لندن في Sketch ، وهو عنصر أساسي في Instagram).
إن التواجد داخل
المبنى يجعلك تعيش تجربة الدخول إلى طباعة M.C. Escher. يبدو أن وجهات النظر
والنسب تتغير، اعتمادا على الضوء أو الزاوية التي يقف فيها المرء. تؤدي السلالم
إلى عدة تراس تطل على المجمع والمناظر الطبيعية المحيطة.
يحتوي مبنى المجمع
على عدد قليل من النوافذ، ومعظمها بأحجام مختلفة. ففي الداخل الخطوط المستقيمة
نادرة وأسطح الكرشيف غير منتظمة بشكل مبهج للمهدية. وكان التصميم أشبه بالنحت أكثر
من أي شيء آخر. تقول مهدية أثناء بناء أدرير أملال "تم تتبع شكل المبنى على
الأرض". "كنا نقرر أين يجب أن تكون النوافذ وفقا للمناظر والشمس". لكن
مع الأمازيد، وضعت خططا ونماذج تقليدية. واختلفت مع نعمة الله على ذلك ورجعت إلى
باريس.
ثم عادت بعد
غيابها لعدة أشهر لتجد أن نعمة الله قد أضاف جناحا آخر إلى المبنى. أصرت مهدية على
هدمه. وفي النهاية ، توصل الاثنان إلى حل وسط واحتفظا بجزء منه.
داخل أمازيد
كما هو الحال في
أدرير أملال، فإن المفروشات مستوحاة من المناطق المحيطة. فتم تصميم كل قطعة تقريبا
من قبل مهدية وصنعها حرفيون من الحجر الرملي المحلي أو الملح أو نخيل التمر أو خشب
الزيتون.
وعلى مر الأيام ،
ملأ المكان بمفروشات مخصصة تناسب البيئة، بعضها يشبه قطعها المميزة في تصميماتها
السابقة. تقول: "هذه الأشكال جزء من مفرداتي، لكنها تتكيف مع المواد المحلية
بالتعاون مع الصناع المحليين".
ومرت الأيام وأصبحت
هي ونعمة الله مبدعين بشكل مبهج في تصميمهما وسط الحياة التي يعيشونها. تم تشكيل
المقاعد المدمجة وإطارات السرير منحوتة من الحجر الجيري تشبه أرجل طاولة خارجية من
جذع شجرة النخيل. وحبل مصنوع من ألياف نخيل التمر يغطي الأسقف وإطارات النوافذ.
كما استخدم نعمة
الله الحبال لإنشاء ستائر بين الغرف، لتشجيع النسائم والسماح بإطلالات محجبة. وتقول
مهدية ، هناك حبال مجدلة القوام: "إنها تخلق اهتزازات مثل الألوان عندما تعكس
أسطحها الشمس أو تلقي بالظل. الأمر كله متوافق مع الضوء المار عبر النوافذ.
في غرفة نوم
نعمة الله، تم نحت كتل من الملح الصخري، التي تم جمعها من بحيرات سيوة، في
مستطيلات تصطف الآن على الجدران، وكذلك جدران الصالة التي تطل على الفناء، حيث
تظهر على شكل بلاط على شكل ماس.
تقول مهدية:
"الملح في سيوة أبيض بشكل ناصع، مع بلورات جميلة"، مشيرا إلى أنه يتمتع
بشفافية المرمر. مثل أدرير أملال، الأمازيد ليس لديه كهرباء. وفي المساء، يتم وضع
الشموع في عشرات النذور الملحية لتوفير الضوء.
وهناك أيضا حفرة
نار مستديرة مصنوعة من الحجر الرملي على الشرفة الرئيسية. يقول نعمة الله:
"لقرون مضت عرف الناس هنا أنه من أجل البقاء على قيد الحياة، لابد من التكيف
مع البيئة، بدلا من إجبار البيئة على التكيف معك.
وفي النهاية
جلسا سوياً وتعاهدا على أن لا يفترقا.
الخلاصة
"يمكننا أن
نتعلم الكثير من ذلك." وأن سيوة جنة في الصحراء.
المصادر
الانترنت.