عين إفريقيا - مملكة الجن، في ثلاثينات القرن الماضي ذهب عالم الطبيعة الأوروبي الشاب "تيودور مونو" إلى منطقة صحراء شمال موريتانيا. وتحديداً صحراء منطقة آدرار الموريتانية، قرأ عنها في كتب الأساطير عبر التاريخ زمن أفلاطون. كان لا يدرك ماذا هناك وأراد أن يستكشف هذه البقعة من الصحراء وما بها من جان.
قابل "تيدور مونو" عند وصوله موريتانيا
شخصين من سكانها تحدثا معه وذكر لهم حبه في جولة في أرض إفريقيا الصحراوية
بادءاً من أرض موريتانيا ولم يذكر لهم حقيقة ما يريده.
أصبحا الشخصين مرافقيه في جولته وهم لا يفهمان ما يبحث
عنه غير أن أحدهما أخبره عن "قلب ريشات" وما يحكى عنها، وخوف
الأهالي من الاقتراب منها وأنها ذي تكوين جيولوجي مختلف عما حولها، وأن لا بعد لها
فهي شاسعة ولا يستطيع المرء رؤية نهايتها، تسكن وسط الصحراء، يتخللها أصوات تترك
للداني منها همسات أن يبتعد.
![]() |
عين الصحراء - عين ريشات - في موريتانيا. |
مملكة الجن
أعتقد أهل وادان الموريتانية أن تلك الدوائر
الصخرية "دوائر تشبه العين" والتي يحيط بعضها البعض من الأصغر فالأكبر
ما هي إلا مملكة يسكنها الجن، تخفي كنوزها عن ما حولها منذ عهد سيدنا
سليمان "عليه السلام". وتحكي الأساطير القديمة أن ملك الجان نفسه يتجول فيها ليلاً معتل
حصانه، فيسمع وقع حوافره ولكن لا يمكن لأحد أن يراه.
وحكى المرافقين عن الصحفي بدر موسى مدير المحطة الإذاعية
في ولاية آدار شمال موريتانيا عما ذكره لموقع سكاي نيوز عربية عن الرواية
التي يرددها سكان آدار باستمرار عن لغز عين ريشات أن رجالاً شجعاناً حاولوا
الدخول إلى تلك العين طمعاً في الحصول على بعض ما تحتويه من كنوزها المخفية.
صدق الأهالي الروايات القديمة وأن الجن اختطفوهم فهؤلاء
الرجال اختفوا داخلها ولم يعثر عليهم أحد حتى يومنا هذا. وزاد الرعب في سكان
المنطقة، ولم يجرؤ أحد بعدها بالتفكير في إعادة المحاولة. طلب منهم تيدور أن يبدأ
الجولة من هذا الموقع، فارفقاه وانطلقوا عبر الصحراء.
وصل عالم الطبيعة
تيودور إلى المنطقة مع مرافقيه، وأحس بالدوار واصابه الذهول عندما
رأى هذا الموقع الفريد. ووجد نفسه وسط حفرة بها عدد لا حصرة لها من الدوائر التي
لا يدركها إلا باحث مهووس مثله، فهي لا تشبه شيء سبق له رؤيته. تعجب وبدى له أنه
يحلم، ولا يدرك مرافقيه ما به وبما يفكر.
مدينة أطلنتس
عاد تيودور ونشر عما رأه في شمال صحراء
موريتانيا، فأحيا المهتمين والباحثين الغربيين ما ذكره تيودور حول هذه
البقعة وما قرأوا في الكتب عن مدينة أطلنتس الذي ذكرها أفلاطون في كتاباته
ووصفها بأنها جزيرة تحيط بها أبنية دائرية، بعضها من الطين والبعض الأخر من الماء.
وأيقنوا أن ما تظهره صور عين الصحراء "عين ريشات" هو نفس ما وصفه
أفلاطون في كتاباته.
زاد ولع المهتمين بهذا الموقع وما به، وتطلع الكثير في
تنظيم الجولات لزيارته، ودراسة تكويناته، ونشر المعلومات عنه. وأصبح هذا المكان
موضع اهتمام، ودعت الحكومة الموريتانية الحفاظ عليه.
رأي العلماء عن عين إفريقيا
عندما رأى عالم الطبيعة تيودور موقع عين ريشات
اعتبره بركاناً نائما منذ ملايين السنين. ثم جاء عالم الجيولوجيا الفرنسي آندري
كابي بعد أن زار الموقع وذكر في أطروحته أن أصل الظاهرة جاء نتيجة نيزك اصطدم
بالأرض.
بعدها بسنوات جاء عالم الجيولوجيا الأمريكي روبرت
دييتز وفند ما جاء بأطروحة العالم الفرنسي وصدق عليها، معللاً هذا بأنه لا توجد أي مكونات جيولوجية مختلفة
للمكونات السائدة في محيط موقع عين ريشات.
في عام 2008
م، قام الباحث الكندي "غيوم ماتون" من جامعة كبيك الكندية
بزيارة موقع العين، وقام بدراسة معمقة لأكثر من 100 عينة صخرية من الموقع. استنتج
أن عين ريشات عبارة عن قبة جيولوجية تكونت نتيجة انصهار عظيم تحت الأرض وقع
قبل 90 مليون سنة.
وجاء في مدونته أن نتج عن ذلك تشكل صخور نارية من
كاربوناتايت، وكيمبرلايت، واتخذت شكل حفرة دائرية على سطح الأرض، مشكلة شكل العين.
وأصبح تكوينها يلفت الأنظار لأنه فريد مميزة يبهر النظر بسحره الكبير.
معلومات أخرى عن عين ريشات، "اضغط هنا".
عجب وإعجاب
وبعد قرابة قرن من الزمان على اكتشاف "عين ريشات"
لا يزال بثير نفس القدر من الغموض علمياً لكل من يزور الموقع أو يفرأ عنه. ولا
يزال سكان المنطقة يعتقدون عنه نفس الأساطير وأن النباتات الفريدة المجودة به
والتي لا توجد مثلها خارج العين لها فاعلية دوائية وشفائية، وأثر مجرب على شفاء كثير
من الأمراض فضلاً عن كونها غذاء مهم للبيئة الحيوانية الموجودة، وما يلازمها من
الطيور والفراشات، ومملكات النحل.
صور عين ريشات في الفضاء
لا أحد يمكن أن يرى عين الصحراء كاملا إلا من الفضاء.
ولا تزال الصور الملتقطة من الفضاء تثير
العجب والعجاب حتى لرواد الفضاء أنفسهم.
في عام 2015 م التقط رائدا الفضاء الأمريكي "سكوت
كيلي" ، الروسي "ميخائل كورنينكو" عدداً من الصور التي
تظهر المعالم الجيولوجية الخارقة على وجه كوكب الأرض. كانت إحدى تلك الصور لـ
"قلب ريشات"، ولقد نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، منبهاً
متابعيه بوجودها في الصحراء الموريتانية.
القيمة الأثرية
تسمى هذه البقعة وسط صحراء شمال موريتانيا باسم "عين
الصحراء"، أو "عين إفريقيا"، أو "حفرة الريشات"
أو "عين ريشات". وتعتبر أحد أكثر المواقع الجيولوجية إثارة لاهتمام
العلماء والباحثين في إفريقيا والعالم. كما اختلفت التفسيرات العلمية حول سبب
تكوينها ونشأتها.
- لا يمكن لحد رؤية هذا الموقع كاملاً إلا من الفضاء، وذلك لكبر مساحة العين ودوائرها التي تقدر بقطر 52 كم.
- يقع موقع عين الصحراء الجيولوجي بالقرب من مدينة وادان الأثرية، وهي أثر فريد من نوعه حول العالم.
- تعتبر موقع سياحي لا مثيل له وضع دولة موريتانيا على الخريطة الأثرية السياحية العالمية.
- صدقت الحكومة الموريتانية أخيراً على مشروع قرار يتضمن حماية موقع "قلب ريشات" الأثري المعروف باسم "عين الصحراء" أو "عين إفريقيا"، ضمن المحميات الطبيعية داخل موريتانيا.
يزور هذا الموقع ملايين السائحين سنوياً وأصبح مزار مسجل
في شمال إفريقيا.
الخلاصة
عين الصحراء موقع أثري في شمال الصحراء الموريتانية، ليس
له مثيل على كوكب الأرض. يحيط به الأساطير فهو معروف بمملكة الجن. يشبه مدينة
أطلنتس في كتب أفلاطون.
المصادر
الانترنت.
موقع اسكاي
نيوز عربية.