القائمة الرئيسية

الصفحات

بكتريا جديدة للتخلص من نفايات البلاستيك

البلاستيك ومع ارتفاع إنتاجه في جميع أنحاء العالم وخلق المزيد من التلوث، حذرت إنغر أندرسن وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والمديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة في 21 سبتمبر 2023 أن البشرية لا يمكنها إعادة تدوير نفايات البلاستك بشكل منتظم  وكامل.


بكتريا آكلة البلاستيك.
بكتريا آكلة البلاستيك.

وذكرت أن الفوضى في هذا الشأن هي السائدة، ودعت إلى إعادة التفكير الكامل في الطريقة التي نستخدم بها البلاستيك. ولابد من إيجاد الحلول السريعة للخروج من هذا المنحدر، وأن يدرك الجميع أنه ليس هناك خيار أخر.

 

ظاهرة التلوث بالبلاستيك

جاء حديثها بعد أسبوعين من نشر المسودة الأولى لمعاهدة دولية مستقبلية بشأن التلوث البلاستيكي، والتي من المتوقع أن يتم الانتهاء منها بحلول نهاية عام 2024. وتعكس المعاهدة رؤية واسعة لطموحات 175 دولة مشاركة.

وتسعى المعاهدة إلى سد الفجوة بين أولئك الذين يجادلون بتخفيض إنتاج البوليمرات الخام وأولئك الذين يصرون على إعادة الاستخدام وإعادة التدوير. والهدف تقليل المعروض الإجمالي من البوليمر الخام الجديد، مشيرة إلى أن هذا كان أحد الخيارات في مسودة نص المعاهدة.

إن الهدف هو التخلص من أكبر كمية ممكنة من المواد البلاستيكية  ذات الاستخدام للمرة الواحدة. ويجب تقليص كل ما هو غير ضروري، إن الشيء المغلف بالبلاستيك الذي لا عقل له تماما ربما يكون ملفوفا بالطبيعة نفسها مثل البرتقال أو الموز "حديث إنغر أندرسن ".

أوضحت إنه عند دخولك السوبر ماركت، تذهب مباشرة إلى الممر المتواجد به مثلاً الصابون لمعرفة ما إذا كانت إصداراته الصلبة المغلفة بالبلاستك متوفرة، علماً بأنك على يقين أن هناك إصدارات أخرى منه سائلة أو مسحوقاً.

بالتأكيد ، "علينا إعادة التدوير بقدر ما نستطيع. ولكن بينما ننظر إلى الأمر الآن، فإن استخدامات البلاستيك آخذة في الازدياد". وذكرت قائله "لذا من الواضح هو أنه لا يمكننا إعادة تدوير طريقنا للخروج من هذه الفوضى."

لقد زاد الإنتاج السنوي من البلاستيك بأكثر من الضعف في السنوات ال 20 الماضية ، ليصل إلى 460 مليون طن. ويمكن أن يتضاعف ثلاث مرات بحلول عام 2060 إذا لم يتغير شيء. ومع ذلك، يتم إعادة تدوير تسعة بالمائة فقط منه.

توجد النفايات البلاستيكية من جميع الأحجام اليوم في قاع المحيطات وفي بطون الطيور وعلى قمم الجبال، وتم اكتشاف اللدائن الدقيقة في الدم وحليب الثدي والمشيمة. وقالت: "إذا واصلنا ضخ كل هذا البوليمر الخام الجديد في الاقتصاد، فلا توجد طريقة لوقف تدفق البلاستيك إلى المحيطات".

وبينت أن صحة المحيطات أمر بالغ الأهمية لمستقبل البشرية. وسوف ستكمل المعاهدة بشأن التلوث البلاستيكي الاستراتيجية العالمية لحماية المحيطات، بما في ذلك المعاهدة التاريخية الجديدة لحماية أعالي البحار التي وقعتها نحو 70 دولة.

وقالت أندرسن: "حقيقة أننا سنمضي قدما ونحمي تلك القطعة من المحيط التي تتجاوز الحدود الوطنية إنه أمر مهم للغاية". "هذا شيء أنا سعيد جدا به. والعالم كله يجب أن يكون كذلك لأن هذا هو تراثنا المشترك".

 

تزايد إنتاج البلاستيك

في حين أن الصناعات البلاستيكية توفر لنا الراحة والابتكارات الطبية المفيدة وتجعل المنتجات اليومية طويلة الأمد، فإن البلاستيك من بين أسوأ الملوثات في العالم. إنها صناعة غزيرة الإنتاج، وتتم بكميات هائلة من قبل الشركات التي تقدمها في أشكال متنوعة  لاستخدامات كثيرة نظرا لسهولة نقلها، ومتانتها بشكل لا يصدق.

تلك الصفات، وخاصة الأخيرة، هي ما يشجع التعامل معها ولا ينظر رغم التحدي في نظم وطرق إعادة تدويرها.

 

محيطات العالم والتلوث بالبلاستيك

لا يوجد مكان ينظر فيه إلى التلوث البلاستيكي على أنه مشكلة أكبر من محيطات العالم، حيث تظهر المواد البلاستيكية من جميع الأشكال والأحجام في كل مكان - بما في ذلك الحياة البحرية. هذا ما يجعل الأبحاث التي أجراها العلماء في جامعة ولاية نورث كارولاينا من المحتمل أن تغير وجهة العالم وقواعد اللعبة.

وذكر فريق البحث "نحن بحاجة إلى معالجة التلوث البلاستيكي في البيئة البحرية لأنها مشكلة كبيرة،  لذا فإن القدرة على العمل على تطوير حل محتمل حول ذلك كانت مرضية للغاية".

ويعد الدكتور ناثان كروك، وهو أستاذ مساعد في الهندسة الكيميائية والجزيئية الحيوية على رأس فريق البحث والذي تموله المؤسسة الوطنية للعلوم.


رأي مركز التنوع البيولوجي للأمم المتحدة

يقدر مركز التنوع البيولوجي التابع للأمم المتحدة أن هناك 15 إلى 51 تريليون قطعة من البلاستيك في محيطات العالم. وتنتشر اللدائن الدقيقة تلك بشكل خاص، حيث تستهلكها الحياة البحرية بسهولة لأنها تطفو لأعلى نحو سطح الماء أو تستقر في قاع المحيط أو تلتصق بالموائل مثل الشعاب المرجانية.

لقد تم العثور على التلوث البلاستيكي في مجموعة واسعة من الكائنات الحية والموائل، بما في ذلك الشعاب المرجانية ومصبات الأنهار والشواطئ وأعماق البحار، حسب وكالة حماية البيئة (EPA).

ويعلم الجميع أن المواد البلاستيكية لا تتحلل ، فإنها تتحرك بسرعة إلى أعلى السلسلة الغذائية المائية، وغالبا ما ينتهي بها الأمر في المأكولات البحرية التي يأكلها البشر ثم يتم امتصاصها في الجسم.

وفي حين أن جمع وإزالة المواد البلاستيكية الموجودة في المحيط هو خطوة أولى رائعة، وإن إلقاء البلاستيك في مكب النفايات لا يحل المشكلة حقا. فإن الحل الأفضل هو تكسير البلاستيك من البوليمرات إلى المونومرات حيث يمكن إعادة تدويرها في منتجات جديدة قابلة للتطبيق تجاريا.

من هنا قام فريق الباحثين في ولاية نورث كارولاينا وبساهمة الهندسة الوراثية على تخليق بكتريا يمكنها تكسير البلاستيك في البيئات البحرية المالحة.

 للمزيد يمكنك الاطلاع "اضغط هنا".


بكتريا جديدة تتغذى على البلاستيك

ما فعله كروك وزملاؤه الباحثون هو تخليق بالهندسة الوراثية كائن حي سريع النمو "بكتريا جديدة" تتغذى على البلاستيك من خلال الجمع بين السمات الوراثية لنوعين مختلفين من البكتيريا. النوع الأول منها هو " Vibrio natriegens" وهي بكتريا تتكاثر بسرعة في المياه المالحة، والنوع الثاني " Ideonella sakaiensis" وهو يفرز إنزيم يسمح لها بتحطيم PET.

 

هذه البكتريا الجديدة لا تنمو بسرعة وتتغذى على البلاستيك في المياه المالحة فقط،  بل أيضاً إنه جيد بشكل خاص في تكسير البولي إيثيلين إلى تيريفثاليت، المعروف باسم PET، وهو بلاستيك يستخدم في جميع أنواع المنتجات المنزلية بما في ذلك زجاجات الصودا والملابس.

وهذا النوع من البلاستيك مساهم رئيسي في تلوث البلاستيك الدقيق. ووفقا للدراسات، تم إنتاج أكثر من 400 مليون طن من PET في عام 2020 فقط.

 

وقال كروك إن الباحثين، بقيادة تيانيو لي "طالب دكتوراه في ولاية نورث كارولاينا"، استخلصوا المادة الوراثية التي تسمح للنوع "Sakaiensis". بإنتاج الإنزيم الآكل للبلاستيك وأدخلوه في الحمض النووي للنوع الأول "Vibrio natriegens" سريع التكاثر في المياه المالحة. وكانت النتيجة كائن حي سريع النمو يتغذى على PET.

قال كروك: "عندما توصلنا إلى فكرة أخذ إنزيم من كائن حي واحد ووضعه في كائن حي مختلف تماما وسريع النمو، عندها أصبحت متحمسا حقا للاحتمالات".

 

هل يمكن كسب المال من بكتريا أكلة البلاستيك؟

نظرا لأن الميكروب الجديد يحب البيئات المالحة، فإن البلاستيك الذي تمت إزالته من المحيط لا يحتاج إلى شطفه قبل أن تبدأ عملية تكسيره بواسطة البكتريا الجديدة، مما يوفر الوقت والمال.

ولكن فريق العمل يؤكد أنه لا تزال هناك العديد من العقبات الرئيسية التي يجب التغلب عليها قبل أن يصبح الكائن المعدل سائدا وممكن استخدامه ككائن حي يأكل البلاستيك.

كذلك هل بالإمكان جعل البكتريا تنتج المزيد من الإنزيمات، وبالتالي تسريع الوقت الذي تستغرقه البكتيريا لتحطيم البلاستيك من سنوات أو أشهر إلى أيام. وأيضاً إن جعل البكتريا تمضغ المونومرات المنتجة أثناء تكسير البلاستيك هو أيضا هدف، "لأن ما لا نريد أن يحدث هو أن تطفو هذه الجزيئات الصغيرة".

والخطوة الأهم تتمثل في عملية نقل البكتريا من المختبر إلى العالم الحقيقي وهذا يتطلب الدعم المالي. لذلك يجب التوصل إلى طرق لإغراء القطاع الخاص بالاستثمار في ذلك، وهذا من خلال إظهار أنه يمكن أن يكون مجديا تجاريا واقتصاديا. علماً أنه إذا لم تتمكن من كسب المال منه، فلا جدوى من أنهم سيكونون مهتمين بذلك.

 

كذلك يدرك كروك أيضا أن بعض الناس لا يزالون حذرين من العلماء الذين يتدخلون في تغيير مخلوقات ويعدلون المادة الوراثية للكائن الحي لصالح الإنسان. بالرغم من أن الهدف خدمة البشرية.

 

الخلاصة

البلاستيك له استخدامات كثيرة لكن أصبح أكبر مصدر للتلوث البيئي خاصة البحار والمحيطات ولابد من إيجاد طرق للتخلص من نفايته. ويسعى العلماء حالياً لتخليق بكتريا جديدة قادرة على التكاثر في المياه المالحة وتتغذى على البلاستك. هنا سوف يتغير وجه العالم ويزيد الاستثمار فيه.  

المراجع

شبكة الانترنت.

author-img
مدونة جسور المعارف للعلوم والثقافة تقدم نبذة عن موضوعات ثقافية، علمية، تقنية، تاريخية، وما يتعلق بالأسرة والطفل من المشكلات الحياتية وما ساهمت به التكنولوجيا الحديثة وما يمكننا الكسب منها.
التنقل السريع